
بينما كانت الولايات المتحدة وإسرائيل تستعدان لرد إيراني “سريع وعنيف”، تأخر الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي بسبب عمليات معقدة ومترابطة نفذها الطيارون والجواسيس الإسرائيليون أربكت منظومة القيادة الإيرانية وأخرت رد طهران.
وعندما بدأت المؤشرات تدل على قرب هجوم إسرائيلي، تحصّن قادة سلاح الجو في “الحرس الثوري الإيراني” داخل أحد المخابئ لتنسيق الرد، لكن إسرائيل كانت تعرف تمامًا هذا السيناريو، بل وموقع المخبأ نفسه، فاستهدفته، وقتلت القائد العام للقوات الجوية للحرس، ورؤساء وحدتي الطائرات المسيّرة والدفاع الجوي، ويقول مسؤول إسرائيلي: “لم يكن هناك من يصدر الأوامر.. فتم تحييد الرد الفوري تمامًا”.
لم تقتصر العملية الإسرائيلية على هذا المخبأ فقط، بل شملت هجومًا واسع النطاق استهدف أكثر من 24 قائدًا عسكريًا. وسقط في الهجوم قادة من “الحرس الثوري”، ورئاسة الأركان الإيرانية، وحتى قيادة العمليات العسكرية الطارئة، وفق تقرير لموقع “أكسيوس” الأمريكي منشور الجمعة 13 يونيو 2025.
الهدف التالي كان أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الإيرانية؛ فبفضل عمل استخباراتي مسبق، تم تحديد مواقعها بدقة، وقصفتها الطائرات الإسرائيلية مع بداية الهجوم، ما سمح لسلاح الجو الإسرائيلي بحرية شبه كاملة في التحرك فوق الأراضي الإيرانية دون مقاومة تُذكر على الأقل خلال الدفعات الأولى للهجوم.
بالتزامن مع الغارات الجوية، أطلق “الموساد” عمليات تخريبية سرية داخل إيران، استهدفت أنظمة الدفاع الجوي وقواعد إطلاق الصواريخ الباليستية. وشارك مئات من عملاء الموساد في الداخل الإيراني وفي مقر القيادة في الخارج، من ضمنهم وحدة خاصة من العملاء الإيرانيين المجنّدين لصالح إسرائيل.
وفي وسط إيران، زرع كوماندوز الموساد أنظمة تسليح موجهة في مناطق مفتوحة قرب بطاريات صواريخ أرض-جو، وفي مناطق أخرى، أخفى الموساد أنظمة تسليح وتكنولوجيا متطورة داخل مركبات مدنية، وعند بدء الهجوم الإسرائيلي، أُطلقت تلك الأنظمة وضربت أهدافها بدقة.
في إحدى مفاجآت العملية، أنشأ الموساد قاعدة طائرات مسيّرة داخل إيران قبل أسابيع من الهجوم، وعندما بدأت العملية، أُطلقت هذه الطائرات نحو قاعدة إسفجاباد قرب طهران، فدمرت منصات صواريخ باليستية قبل أن يتم استخدامها ضد إسرائيل.
مسؤول استخباراتي إسرائيلي كشف أن الجيش كان يستعد لأسوأ سيناريو، وهو إطلاق إيران من 300 إلى 500 صاروخ باليستي على إسرائيل، لكن بفضل الضربة الاستباقية، جاء الرد الإيراني متأخرًا بعد ساعات، واقتصر على نحو 100 طائرة مسيّرة، تم إسقاط معظمها بسهولة ومن ثم حوالي 150 صاروخ إيراني خلال الساعات التالية ولكنها كانت أكثر فاعلية.
وقبل الهجوم الإيراني الانتقامي، قال مسؤول إسرائيلي: “نعتقد أن إيران ستطلق وابلًا صاروخيًا ضخمًا ومنسقًا، في محاولة لإرباك أنظمة الدفاع الإسرائيلية… ما رأيناه حتى الآن هو فقط بداية المشهد”.
تأتي هذه العملية بعد ثمانية أشهر من التخطيط السري المكثّف، استهدفت فيها إسرائيل المنشآت النووية ومواقع الصواريخ الإيرانية، بالإضافة إلى اغتيال علماء وقادة عسكريين بارزين. وبحسب أكسيوس تمثّل هذه الضربة أكبر ضربة موجّهة للنظام الإيراني منذ الثورة عام 1979، وربما بداية حرب جديدة في الشرق الأوسط قد تتسع لتشمل الولايات المتحدة.